الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.في الرَّجُلِ يَشْهَدُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْحَدِّ وَيَأْتِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَهُ: لِلْقَاضِي: أَنَا آتِيَك بِالشُّهُودِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: إنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا في الْحَضَرِ حَبَسَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَ أَمْرًا بَعِيدًا لَمْ يَحْبِسْهُ الْقَاضِي، وَيُنَكَّلُ إذَا رَمَاهُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ. وَأَمَّا الزِّنَا فَلَا يُخْرِجُهُ إلَّا أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ سَوَاءٌ، وَلَا يُخْرِجُهُ ثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ رَابِعُهُمْ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ الْآنَ قَاذِفًا وَيُحَدُّ الْحَدَّ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا سَارِقُ، عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ: إنَّ ذَلِكَ يُنَكَّلُ. فَإِنْ قَالَ لَهُ: سَرَقْتَ مَتَاعِي وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ الَّذِي قِبَلَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الشَّتْمَ. قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِي ثُمَّ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ يَشْهَدُونَ. مَعَهُ عَلَى الزِّنَا؟ قَالَ: الْأَوَّلُ قَاذِفٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سَوَاءٌ، يَشْهَدُونَ عَلَى هَذِهِ الْفِرْيَةِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ خَصْمًا حِينَ كَانَ قَاذِفًا، وَيُضْرَبُ الْحَدَّ وَيُضْرَبُ الشُّهُودُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي شَهِدَ بِالْحَدِّ وَحْدَهُ وَقَالَ: أَنَا آتِيَك بِالْبَيِّنَةِ. أَيُوقَفُ هَذَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ ادَّعَى أَمْرًا قَرِيبًا حَاضِرًا أُوقِفَ هَذَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالشَّاهِدُ أَيْضًا، وَقِيلَ لِلشَّاهِدِ: ابْعَثْ إلَيَّ مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهُ يَشْهَدُ، مَعَك فَإِنْ أَتَى بِهِ أُقِيمَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَوْ ادَّعَى شَهَادَةً بَعِيدَةً أُدِّبَ أَدَبًا مُوجِعًا إلَّا في الزِّنَا، فَإِنَّهُ قَالَ رَأَيْته يَزْنِي قِيلَ لَهُ: ائْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ. سِوَاك وَإِلَّا ضُرِبْت الْحَدَّ، وَيُتَوَثَّقُ مِنْهُ كَمَا يُتَوَثَّقُ مِنْ الْأَوَّلِ. فَإِنْ جَاءَ بِهِمْ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَإِلَّا ضُرِبَ الْحَدَّ. قُلْت: وَيُوقِفُهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ كَفيلًا؟ قَالَ: لَا يُؤْخَذُ في الْحُدُودِ كَفَالَةٌ. قُلْت: أَرَأَيْت كُتُبَ الْقُضَاةِ إلَى الْقُضَاةِ، هَلْ يَجُوزُ في الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ في الْقِصَاصِ وَفي الْأَمْوَالِ وَفي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ في رَأْيِي ذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ عِنْدَ مَالِكٍ في هَذَا كُلِّهِ جَائِزَةٌ، وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ في هَذَا جَائِزَةً جَازَتْ كُتُبُ الْقُضَاةِ عَلَى ذَلِكَ. .فيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْتِ وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ: قَالَ: يُلَاعِنُ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَيُجْلَدُ الْحَدُّ لِهَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَاذِفًا أَوْ يَكُونَ مُعْرِضًا إلَّا في الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَا ثُمَّ قَالَ زَنَيْتُمَا في حَالِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا زَنَيَا وَهُمَا عَبْدَانِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا زَنَيَا في الْعُبُودِيَّةِ ضُرِبَ الْحَدَّ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ لَهُمَا أَيْضًا: يَا زَانِيَانِ. وَلَمْ يَقُلْ: زَنَيْتُمَا في الْعُبُودِيَّةِ وَقَدْ كَانَ زَنَيَا في الْعُبُودِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ في فِرْيَتِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ زَنَيَا وَوَقَعَ عَلَيْهِمْ اسْمُ الزِّنَا. قَالَ: وَمَنْ قَالَ لِنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَ: يَا زَانٍ. وَقَدْ كَانَ زَنَى في نَصْرَانِيَّتِهِ جُلِدَ الْحَدَّ حَدَّ الْفِرْيَةِ، لِأَنَّ مَنْ زَنَى في نَصْرَانِيَّةٍ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِنًا لِأَنَّهُ لَا يُضْرَبُ فيهِ الْحَدَّ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ بِفِعْلِهِ زَانِيًا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ في صِبَاهُ. قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ. إنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ضَرَبْتُهُ الْحَدَّ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ أَضْرِبْهُ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الزِّنَا بِالِاسْتِكْرَاهِ غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَيْهَا، فَإِنِّي لَا أَضْرِبُهُ الْحَدَّ أَيْضًا لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ غَصْبًا وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنَّهَا زَانِيَةٌ، فَهَذَا يُخَالِفُ النَّصْرَانِيَّ وَالصَّبِيَّ. وَقَالَ في رَجُلٍ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ. فَقَالَ: رَأَيْته يَسْرِقُ مَتَاعَ فُلَانٍ. قَالَ: يَحْلِفُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ وَيَسْتَحِقُّ مَتَاعَهُ وَلَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ وَلَيْسَ لِلسَّرِقَةِ مَنْ يَطْلُبُهَا وَلَا مَنْ يَدَّعِيهَا، وَكَانَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ رَأَيْته دَخَلَ دَارًا فَأَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا فَأَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَيْسَ لِلْمَتَاعِ طَالِبٌ، رَأَيْتُ أَنْ يُعَاقَبَ الشَّاهِدُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْمُخْرِجِ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتِ مَنْ عَرَّضَ بِالزِّنَا لِامْرَأَتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ، أَتَضْرِبُهُ الْحَدَّ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ يُضْرَبُ الْحَدَّ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ. قُلْت: وَيَكُونُ الَّذِي قَذَفَ الَّتِي أَسْلَمَتْ أَوْ الَّتِي أُعْتِقَتْ أَوْ الصَّغِيرَةَ الَّتِي بَلَغَتْ أَوْ امْرَأَتَهُ قَاذِفًا حِينَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: رَأَيْتُكِ تَزْنِي وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ؟ قَالَ: أَرَاهُ قَاذِفًا السَّاعَةَ. قُلْت: وَهَذَا عِنْدَك سَوَاءٌ قَوْلُهُ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: رَأَيْتُكِ تَزْنِي وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنَّ الَّذِي فَسَّرْتُ لَك في قَوْلِ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ النَّصْرَانِيَّةِ الَّتِي أَسْلَمَتْ، قَوْلَهُ لَهَا: يَا زَانِيَةُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ وَقَدْ كَانَتْ زَنَتْ في نَصْرَانِيَّتِهَا فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّمَا أَرَدْتُ زِنَاهَا في نَصْرَانِيَّتِهَا. قَالَ مَالِكٌ: نَضْرِبُهُ الْحَدَّ وَلَا نُخْرِجُهُ مِنْ الْقَذْفِ وَإِنْ كَانَتْ زَنَتْ في نَصْرَانِيَّتِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ في كِتَابِهِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ] قُلْت: أَرَأَيْتَ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ: قَدْ كُنْتُ قَذَفْتُكِ بِالزِّنَا وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يُنْظَرَ في ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ أَتَى مُتَوَخِّيًا يَسْأَلُهَا أَنْ تَغْفِرَ لَهُ ذَلِكَ، أَوْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ أَحَدًا عَلَى وَجْهِ النَّدَمِ مِمَّا مَضَى مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَك وَجْهٌ يُرَى أَنَّهُ قَالَهُ لَهُ رَأَيْتُ أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ، لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: مَنْ عَرَّضَ بِالْقَذْفِ أُكْمِلَ لَهُ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَيِّتَ إذَا قَذَفَ مَنْ يَقُومُ بِحَدِّهِ بَعْدَهُ وَلَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ أَوْلَادٍ وَأَب وَأَجْدَادٌ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَأَبِيهِ وَأَجْدَادِهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَنْ يَقُومُوا بِذَلِكَ، مَنْ قَامَ مِنْهُمْ أَخَذَ بِحَدِّهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ. قُلْت: أَفَتَقُومُ الْعَصَبَةُ بِحَدِّهِ مَعَ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ، أَتَقُومُ الْعَصَبَةُ بِحَدِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَيَقُمْنَ الْبَنَاتُ بِحَدِّهِ وَالْجَدَّاتُ وَالْأَخَوَاتُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَيَقُومُ الْأَخُ وَالْأُخْتُ بِحَدِّهِ وَثَمَّ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْمَيِّتِ الْمَقْذُوفِ وَارِثٌ وَلَا قَرَابَةٌ فَقَامَ بِحَدِّهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَيُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ رَجُلًا وَهُوَ غَائِبٌ وَوَلَدُهُ حُضُورٌ، فَقَامَ وَلَدُهُ بِحَدِّ أَبِيهِمْ وَهُوَ غَائِبٌ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا حَكَى عَنْ مَالِكٍ في هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ رَجُلًا فَمَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَامَ وَلَدُهُ بِحَدِّهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ في قَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ تُورَثُ الْحُدُودِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قلت: أَرَأَيْت إنْ قُذِفَ وَمَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَوْصَى في وَصِيَّتِهِ أَنْ يُقَامَ بِحَدِّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ يَقُومُ بِهِ الْوَصِيُّ. قُلْت: أَسَمِعْته مِنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ مَجُوسِيَّةً، أَوْ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَذَفَهُ رَجُلٌ. أَيُحَدُّ قَاذِفُهُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ في رَأْيِي. .في قَذْفِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ: قَالَ: لَا يُقَامُ عَلَى قَاذِفِهِ الْحَدُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقَامُ عَلَى الصَّبِيَّةِ تَزْنِي، أَوْ الصَّبِيِّ يَزْنِي الْحَدُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ تَحِيضَ الْجَارِيَةُ أَوْ يُنْبِتَا الشَّعْرَ أَوْ يَبْلُغَا مِنْ الْكِبْرِ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ أَحَدًا لَا يُجَاوِزُ تِلْكَ السِّنِينَ إلَّا احْتَلَمَ. قُلْت أَرَأَيْتَ إنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ وَقَالَ: لَمْ أَحْتَلِمْ، وَمِثْلُهُ مِنْ الصِّبْيَانِ في سِنِّهِ يَحْتَلِمُ وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ في سِنِّهِ لَا يَحْتَلِمُ، أَتُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ بِإِنْبَاتِ الشَّعْرِ أَمْ لَا تُقِيمُهُ، وَإِنْ أَنْبَتَ الشَّعْرُ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ السِّنِينَ مَا لَا يُجَاوِزُهُ صَبِيٌّ إلَّا احْتَلَمَ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّهُ وَإِنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مِنْ السِّنِينَ مَا يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَبْلُغُهُ حَتَّى يَحْتَلِمَ فيكُونُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَلَقَدْ كَلَّمْتُ مَالِكًا غَيْرَ مَرَّةٍ في حَدِّ الصَّبِيِّ، مَتَى يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؟ فَقَالَ: إلَى الِاحْتِلَامِ في الْغُلَامِ وَالْحَيْضَةِ في الْجَارِيَةِ. .فيمَنْ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أَمَةً وَلَهَا بَنُونَ مُسْلِمُونَ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ مَنْ قَذَفَ عَبْدًا بِالزِّنَا أُدِّبَ، أَوْ قَذَفَ نَصْرَانِيَّةً وَلَهَا بَنُونَ مُسْلِمُونَ أَوْ زَوْجٌ مُسْلِمٌ نُكِّلَ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ أَوْلَادَهَا وَزَوْجَهَا مُسْلِمُونَ. وَاَلَّذِي قَذَفَ النَّصْرَانِيَّ الَّذِي ذَكَرْت أَرَى أَنْ يُزْجَرَ عَنْ أَذَى النَّاسِ كُلِّهِمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَنْ افْتَرَى عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُنَكَّلُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ وَأَبِيهِ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ نَصْرَانِيَّةٌ: لَسْتَ لِأَبِيكَ؟ قَالَ قَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ ثَمَانِينَ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَبُوهُ عَبْدًا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُحَدُّ هَذَا لِنَفيهِ عَنْ أَبِيهِ وَلِقَطْعِ النَّسَبِ. قُلْت: وَلِمَ جَلَدَهُ مَالِكٌ هَهُنَا، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْفِرْيَةُ عَلَى أُمِّهِ الْكَافِرَةِ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَقَعْ الْحَدُّ عَلَى أُمِّهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ لَسْت لِأَبِيك لِأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَسْت لِأَبِيك أَكَانَ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ؟ وَإِنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ مُشْرِكِينَ وَبَدْءُ الْحُدُودِ فيهِمْ كَانَتْ وَهُمْ أَقَامُوهَا؟ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَكِنْ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ كَافِرٍ: يَا وَلَدَ زِنَا أَوْ لَسْت لِأَبِيك وَلَهُ وَلَدٌ مُسْلِمُونَ، لَمْ يَكُنْ عَلَى قَائِلِهِ حَدٌّ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ أَنْ يَقُولَ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ لَسْت لِأَبِيك. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقِ إلَى سِنِينَ أَوْ الْمُعْتَقِ مِنْهُ شِقْصًا إذَا زَنَوْا؟ قَالَ: حَدُّهُمْ - عِنْدَ مَالِكٍ - حَدُّ الْعَبِيدِ. قُلْت وَإِذَا افْتَرَوْا قَالَ: كَذَلِكَ أَيْضًا حَدُّهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ في الْفِرْيَةِ حَدُّ الْعَبِيدِ أَرْبَعُونَ. .الْمُحَارِبُ يَقْذِفُ في حِرَابَتِهِ وَالْحَرْبِيُّ يَدْخُلُ بِأَمَانٍ فيقْذَفُ: قَالَ: نَعَمْ نَحُدُّهُ لَهُ لِأَنَّ حُقُوقَ النَّاسِ تُؤْخَذُ مِنْهُ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا تَابَ وَأَصْلَحَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَرْبِيًّا في دَارِ الْحَرْبِ قَذَفَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأُسِرَ فَصَارَ عَبْدًا، أَيَحُدُّ لِهَذَا الرَّجُلِ حَدَّ الْفِرْيَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: الْقَتْلُ عَنْهُ مَوْضُوعٌ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يُؤْخَذُ بِمَنْ قَتَلَ. فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْفِرْيَةَ لَا يُؤْخَذُ بِهَا أَيْضًا، فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا. قُلْت: لِمَ قَالَ مَالِكٌ - في النَّصْرَانِيِّ -: إذَا سَرَقَ أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا؟ قَالَ: لِأَنَّ السَّرِقَةَ وَالْحِرَابَةَ مِنْ الْفَسَادِ في الْأَرْضِ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَقَذَفَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَتَحُدُّهُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يَسْرِقُونَا وَلَا عَلَى أَنْ يَشْتُمُونَا وَأَرَى أَنَّ عَلَيْهِمْ الْحَدَّ. .قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْتُ بِكَ: قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدُّ لِلرَّجُلِ وَيُقَامُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا إلَّا أَنْ تَنْزِعَ عَنْ قَوْلِهَا، فَتُضْرَبُ لِلرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُدْرَأُ عَنْهَا حَدُّ الزِّنَا، وَيُدْرَأُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْ الرَّجُلِ لِأَنَّهَا قَدْ صَدَّقَتْهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ أَشْهَبُ: تَسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا زَنَيْت بِك إقْرَارًا مِنْهَا بِالزِّنَا كَانَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَحْدُ الْفِرْيَةِ، وَإِنْ قَالَتْ مَا قُلْت ذَلِكَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَوَابِ لَمْ أَرَ ذَلِكَ قَذْفًا لِلرَّجُلِ وَلَا إقْرَارًا مِنْهَا وَكَانَ عَلَى الرَّجُلِ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ يَا خَبِيثُ؟ قَالَ: يُنَكَّلُ في قَوْلِهِ يَا فَاجِرُ وَيَا فَاسِقُ، وَأَمَّا في قَوْلِهِ: يَا خَبِيثُ فيحْلِفُ بِاَللَّهِ إنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ ثُمَّ يُنَكَّلُ. قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ. قُلْت: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ: يُنَكَّلُ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ وَيَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ إلَّا النَّكَالُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفًا، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ رَأَيْتُ أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ نُكِّلَ. قُلْت: فَكَمْ النَّكَالُ عِنْدَ مَالِكٍ في هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؟ قَالَ: عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ، وَحَالَاتُ النَّاسِ في ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْأَذَى، فَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ الْعُقُوبَةَ الْمُوجِعَةَ. وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ تَكُونُ مِنْهُ الزَّلَّةُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ في ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ قَدْ شَتَمَ شَتْمًا فَاحِشًا أَقَامَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ في ذَلِكَ قَدْرَ مَا يُؤَدَّبُ مِثْلُهُ في فَضْلِهِ، وَإِنْ كَانَ شَتْمًا خَفيفًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يَتَجَافَى السُّلْطَانُ عَنْ الْفَلْتَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ. .فيمَنْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ يَا فَاجِرُ: قَالَ: يُنَكِّلُهُ السُّلْطَانُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: يَا حِمَارُ أَوْ يَا ثَوْرُ أَوْ يَا خِنْزِيرُ؟ قَالَ: يُنَكِّلُهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ في رَأْيِي، وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ في قَوْلِهِ يَا حِمَارُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: يَا فَاجِرُ بِفُلَانَةَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَى أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ لِي أَيْضًا: وَأَرَى أَنْ يُضْرَبَ ثَمَانِينَ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَمْرٍ صَنَعَهُ بِهَا مِنْ وُجُوهِ الْفُجُورِ، أَوْ مِنْ أَمْرٍ يَدَّعِيه فيكُونُ فيهِ مَخْرَجٌ لِقَوْلِهِ، مِثْلَ مَا عَسَى يَكُونُ قَدْ خَاصَمَتْهُ الْمَرْأَةُ في مَالٍ ادَّعَتْهُ قِبَلَهُ فَجَحَدَهَا وَلَمْ يُقِرَّ لَهَا بِهِ، فَتَقُولُ لَهُ: لَمْ تَفْجُرْ بِي وَحْدِي وَقَدْ فَجَرْتَ بِفُلَانَةَ قَبْلِي لِلْأَمْرِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا. فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي تَخْرُجُ إلَيْهَا وَيُعْرَفُ بِهَا صِدْقُهُ. فَأَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَيَكُونَ في الْقَوْلِ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا وَصَفْت لَك رَأَيْتُ أَنْ يُحَدَّ. .فيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ جَامَعْتُ فُلَانَةَ حَرَامًا أَوْ بَاضَعْتُهَا حَرَامًا: قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ حَدُّ الْفِرْيَةِ في ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ نَكَحَهَا في عِدَّةٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا تَزْوِيجًا حَرَامًا كَمْ قَالَ، فيقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ وَدُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: إنِّي قَدْ جَامَعْت أُمَّ الْآخَرِ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ في رَأْيِي. قُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ: تَزَوَّجْتهَا فَجَامَعْتهَا وَلَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ؟ قَالَ: يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى التَّزْوِيجِ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى التَّزْوِيجِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِلَّا ضُرِبَ الْحَدُّ. .في التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ: أَوْ يَقُولُ: قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّك زَانٍ؟ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ في رَأْيِي لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في التَّعْرِيضِ الْحَدُّ كَامِلًا. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِ الْإِمَامِ: أَشْهَدَنِي فُلَانٌ أَنَّك زَانٍ؟ قَالَ: يُقَالُ لَهُ: أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَك وَإِلَّا ضُرِبْت الْحَدَّ، لِأَنَّهُ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: إنَّ فُلَانًا يَقُولُ إنَّك زَانٍ. يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا ضُرِبَ الْحَدَّ، وَهَذَا عِنْدِي يُشْبِهُهُ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ الْحُرَّ يَقُولُ لِلْعَبْدِ: يَا زَانٍ. فيقُولُ لَهُ الْعَبْدُ: لَا بَلْ أَنْتَ زَانٍ؟ قَالَ: يُنَكَّلُ الْحُرُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُجْلَدُ الْعَبْدُ حَدَّ الْفِرْيَةِ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: زَنَى فَرْجُك؟ قَالَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ: زَنَى فُوك أَوْ زَنَتْ رِجْلُك؟ قَالَ: أَرَى فيهِ الْحَدَّ. .في الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ لَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ لِجَدِّهِ: قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَظَرَ إلَى رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: لَسْت ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ كَامِلًا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَلَوْ قَالَ: لَيْسَ أَبُوك الْكَافِرُ ابْنَ أَبِيهِ. وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ لِهَذَا. الْمُسْلِمِ الَّذِي مِنْ وَلَدِ الْكَافِرِ؟ قَالَ: لَا يُضْرَبُ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَفْضَلِهِمْ عِنْدِي أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ كَافِرٍ - لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمُونَ - فَقَالَ لِلْكَافِرِ أَبِي الْمُسْلِمِ: لَيْسَ أَبُوك فُلَانًا لِأَبٍ لَهُ كَافِرٍ أَوْ بِابْنِ زَانِيَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَقْذُوفِ أَوْلَادٌ مُسْلِمُونَ حَتَّى يَقُولَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِينَ ضُرِبَ الْحَدَّ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِابْنِهِ الْمُسْلِمِ: لَسْتَ بِابْنِ فُلَانٍ - لِجَدِّهِ - ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ بِهَذَا قَطْعَ نَسَبِك إنَّمَا أَرَدْت أَنَّك لَسْتَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ لِأَنَّ دُونَ جَدِّك وَالِدَك؟ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ أَحَدٌ في هَذَا، وَأَرَى عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْحَدَّ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ في كُلِّ جَدٍّ مُسْلِمٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَبٌ، فَلَا يُصَدَّقُ أَحَدٌ في هَذَا كَانَ جَدُّهُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا وَيُضْرَبُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ: أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ. نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ، أَيُحَدُّ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ. قُلْت: كَانَ في مُشَاتَمَةٍ أَوْ غَيْرِ مُشَاتَمَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ نَسَبَ رَجُلٌ رَجُلًا إلَى عَمِّهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ بِالْحَدِّ، أَتَضْرِبُهُ الْحَدَّ؟ قَالَ: نَعَمْ أَضْرِبُهُ الْحَدَّ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْخَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ. نَسَبَهُ إلَى زَوْجِ أُمِّهِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ. قُلْت: وَفي الْعَمِّ وَالْخَالِ رَأَيْتَهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ كَانَ في مُشَاتَمَةٍ، يَعْنِي الْجَدُّ وَالْعَمُّ. قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ حُدَّ قَائِلُ ذَلِكَ. قُلْت: فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ. - لِجَدِّهِ مِنْ أُمِّهِ -؟ قَالَ: لَا يُحَدُّ هَذَا، وَالْجَدُّ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى في كِتَابِهِ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ] فَمَا نَكَحَ الْجَدُّ لِلْأُمِّ فَلَا يَصْلُحُ لِابْنِ ابْنَتِهِ أَنْ يَنْكِحَهُ مِنْ النِّسَاءِ. .مَا جَاءَ في النَّفي: قَالَ: إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ جُلِدَ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي لَمْ يُضْرَبْ الْحَدَّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ النَّفي، لِأَنَّهُ مَنْ عَرَّضَ بِقَطْعِ نَسَبِ رَجُلٍ فَهُوَ كَمَنْ عَرَّضَ بِالْحَدِّ. وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي: لَسْت مِنْ مَوَالِي بَنِي فُلَانٍ - وَهُوَ مِنْهُمْ - ضُرِبَ الْحَدَّ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ قَدْ قَطَعَ نَسَبَهُ. قُلْت: عَلَى مَنْ أَوْقَعْت الْقَذْفَ إذَا قَالَ لَهُ لَسْتَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ، أَعَلَى أُمِّهِ دَنِيَّةٌ أَوْ عَلَى امْرَأَةِ جَدِّهِ الْجَاهِلِيِّ؟ قَالَ: إنَّمَا يُقَامُ الْحَدُّ لِهَذَا الْمُسْلِمِ لِقَطْعِ نَسَبِهِ. قُلْت: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: لَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ أَبَوَاهُ عَبْدَيْنِ فَقَالَ: لَسْتَ لِأَبِيك؟ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ عِنْدَ مَالِكٍ. .في الرَّجُلِ يَقْذِفُ عَبْدَهُ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ: قَالَ مَالِكٌ: يُضْرَبُ سَيِّدُهُ الْحَدَّ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ أَبَوَا الْعَبْدِ قَدْ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا أَوْ لَهُمَا وَارِثٌ، فَقَامَ هَذَا الْعَبْدُ عَلَى مَوْلَاهُ بِحَدِّ أَبَوَيْهِ، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى سَيِّدِهِ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَكُونُ لِلْعَبْدِ ذَلِكَ وَيُقَامُ عَلَى سَيِّدِهِ الْحَدُّ، قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: لَسْتَ لِأَبِيك - وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ -؟ قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: لَسْت لِأَبِيك - وَأَبِيهِ مُسْلِمٌ وَأُمُّهُ كَافِرَةٌ، أَوْ أَمَةٌ - أَتَضْرِبُهُ الْحَدَّ أَمْ لَا؟ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهَا فَأَبَى أَنْ يُجِيبَنِي فيهَا بِشَيْءٍ، وَأَرَى أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ فَقَدْ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ، فَقَدْ صَارَ قَاذِفًا لِأَبِيهِ. .فيمَنْ قَالَ لِلْمَيِّتِ لَيْسَ فُلَانٌ أَبَاهُ: أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ - عَلَى وَجْهِ السِّبَابِ وَالْغَضَبِ - أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ. نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ. أَيُضْرَبُ الْحَدَّ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ يُضْرَبُ الْحَدَّ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْغَضَبِ وَلَا عَلَى وَجْهِ السِّبَابِ أَيُضْرَبُ الْحَدَّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يُضْرَبُ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَخْبَرَهُ فيقُولُ لَهُ: أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ عَلَى وَجْهِ السُّؤَالِ. .فيمَنْ نَسَبَ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ الْمَوَالِي إلَى غَيْرِ قَوْمِهِ: أَيُضْرَبُ الْحَدَّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ يُضْرَبُ الْحَدَّ. قُلْت: فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي: يَا نَبَطِيُّ؟ قَالَ: يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ مَالِكٍ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَرَادَ نَفيهُ مِنْ آبَائِهِ وَلَا قَطْعَ نَسَبِهِ، فَإِذَا حَلَفَ نُكِّلَ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَنُكِّلَ بِالْعُقُوبَةِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ. أَيُضْرَبُ الْحَدَّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي: يَا فَارِسِيُّ - وَهُوَ رُومِيٌّ - أَوْ قَالَ لَبَرْبَرِيٍّ: يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ، أَوْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ: يَا رُومِيُّ أَوْ يَا نَبَطِيُّ. أَيُضْرَبُ الْحَدَّ في هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا حَبَشِيُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَائِلِ هَذَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ عَنْ مَالِكٍ في الَّذِي يَقُولُ لِلرُّومِيِّ أَوْ لِلْبَرْبَرِيِّ يَا حَبَشِيُّ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ أَوْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَأَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ وَهُوَ أَبْيَضُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ آبَائِهِ أَسْوَدُ ضُرِبَ الْحَدَّ. فَأَمَّا إنْ نَسَبَهُ إلَى حَبَشِيٍّ فيقُولُ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ وَهُوَ بَرْبَرِيٌّ فَالْحَبَشِيُّ وَالرُّومِيُّ في هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَانَ بَرْبَرِيًّا، وَهُوَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ. وَثَبَتَ عِنْدِي إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ، فيكُونُ قَذْفًا بَيْنَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ آبَائِهِ أَحَدٌ أَسْوَدُ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْفُرْسِ أَوْ الْبَرْبَرِ: يَا عَرَبِيُّ؟ قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ في هَذَا. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: يَا قُرَشِيُّ، أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ مُضَرَ: يَا يَمَانِيُّ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْيَمَنِ: يَا مُضَرِيّ قَالَ: أَرَى هَذَا كُلَّهُ قَطْعًا لِلنَّسَبِ، وَأَرَى فيهِ الْحَدَّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ في قَطْعِ الْأَنْسَابِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا نَسَبَتْ إلَى الْآبَاءِ، فَمَنْ نَسَبَهَا إلَى غَيْرِ آبَائِهَا فَقَدْ أَزَالَ النَّسَبَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قَيْسٍ يَا كَلْبِيُّ، أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ يَا تَمِيمِيُّ، فَقَدْ أَزَالَ النَّسَبَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا عَرَبِيُّ؟ قَالَ: لَا يُضْرَبُ الْحَدَّ لِأَنَّ الْعَرَبَ مُضَرُهَا وَتَمِيمُهَا وَقُرَيْشٌ مَعَهَا يَجْمَعُهَا هَذَا الِاسْمُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ]. وَقَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ}. فَسَمَّى قُرَيْشًا هَهُنَا عَرَبًا. قُلْت: فَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ: لَسْت مِنْ الْعَرَبِ. أَلَيْسَ يُحَدُّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي: لَسْت مِنْ الْمَوَالِي أَيُحَدُّ؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ مُعْتَقٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ مَوَالِي بَنِي فُلَانٍ لَسْت مِنْ مَوَالِي بَنِي فُلَانٍ. قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مُعْتَقٍ: لَيْسَ مَوْلَاك فُلَانٌ؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ في رَأْيِي. قُلْت: فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَإِنَّمَا أَعْتَقَ فُلَانٌ جَدَّهُ فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ؟ أَتَرَى هَذَا قَطَعَ نَسَبَهُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْحَدُّ. قُلْت: فَإِذَا قَالَ لِلْمُعْتَقِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ مِنْ مَوَالِي فُلَانٍ؟ قَالَ: هَذَا لَيْسَ لَهُ أَبٌ يَقْطَعُ نَسَبُهُ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ الْحَدَّ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ.
|